حكاية مطور | هيديتاكا ميازاكي ظاهرة فريدة في صناعة ألعاب الفيديو لن تتكرر

ها أنت ذا تعود مِراراً وتكراراً لتتذوق طعم الموت في سبيل الحياة والمضي قدماً نحو النصر، حيث يقع على عاتقك ممالك وعوالم مصيرها الدمار، هذا أيها القارئ عالم سقط في بئره الكثير، عالمُ سوداوي لن يرى النور، كل ما فيه هو ظلامٌ داكن يدعى عالم “ألعاب السولز“.

هيديتاكا ميازاكي .. ظاهرة لن تتكرر

نستكمل معاً حكايات المطورين في هذه السلسلة لتصل بنا الى أحد أباطرة هذه الصناعة وهو السيد هيديتاكا ميازاكي معذب اللاعبين، صانع المُعاناة، عبقري الموت الذي قدم لنا قصص يتغلغل الماء بين شِعابها، فهو  مؤلف عالم السولز ومبتكر فن الصلابة في عالم الألعاب.

علمنا ميازاكي أن بعد كل مرونة تأتي الصلابة فقد كان كالبركان في Demon’s Souls ليتألق بعدها في ثلاثية Dark Souls ويصل ذروته في Bloodborne ولم يكتفِ عند هذا الحد فهو دوستويفسكي الألعاب، إبداع ما بعده إبداع، أخذ لقب لعبة العام في Sekiro وأبهرَ عقولنا في Elden Ring والقادم أعظم، نستقصي في هذه السلسلة بعض الحقائق عن عبقرية هذا الرجل وعن الصعاب التي مر بها، فحضر فنجان القهوة.. وأهلاً بك في سلسلة حكاية مطور.

ميازاكي يَسرح في الخيال

في الأول من كانون الثاني عام ١٩٧٤ ولد مخرجنا العظيم في بيئة يعمها الفقر والقوانين الصارمة فلم تكن طفولة ميازاكي كسائر اقرانه حيث تم منعه من لعب ألعاب الفيديو طوال فترة طفولته من قبل والديه، لم يكن لديه غير أنيس الوحدة وجليس الخلوة، خير الصديق في كل زمان، لا يعتل بنوم ولا يعتريه كلال السفر إنه الكتاب.

انغمرَ ميازاكي في قراءة الكتب من الأدب للروايات مع وجود علة هي السبب في تقديم قصص العاب السولز بأسلوب فريد من نوعه، لم يكن ميازاكي يفهم كل ما هو مكتوب في القصص والروايات لذلك يطلق العنان لمخيلته في استكمال ذلك، ومنها قرر ميازاكي ان يقدم لنا قصص يتخللها الكثير من الاستنتاجات في مخيلة اللاعبين.

لعبة غيرت مجرى حياته

لم يكن ميازاكي ذو اختصاص تقني أبداً، وقد يتفاجأ البعض عن تخصصه بالعلوم الاجتماعية من جامعة كيئو في اليابان وهو اختصاص بعيد كل البعد عن التوجهات الفنية لصناعة الألعاب، عمل في بداية حياته المهنية كمدير حسابات لشركة Oracle والتي يقع مقرها في الولايات المتحدة من أجل دفع رسوم التعليم الجامعي لأخته الصغرى.

بحلول عام ٢٠٠١ أقدم ميازاكي على تجربة لعبة تدعى Ico وهي لعبة مغامرات على جهاز PS2 من إخراج وتصميم فوميتو أويدا، هذه اللعبة جعلته يرغب في تغيير حياته المهنية ليتجه الى تصميم ألعاب الفيديو ويصبح أحد أباطرة هذه الصناعة الى يومنا هذا.

أكثر ما يحب القيام به

في سن التاسع والعشرين كان ميازاكي يحاول البحث عن عمل في العديد من شركات الألعاب، في ذلك الوقت لم يكن لديه الخبرة في تصميم الألعاب، حتى أتيحت له الفرصة في أستوديو FromSoftware بوظيفة مخطط عام ٢٠٠٤، حيث عمل على لعبة Armored Core: Last Raven وهي في منتصف عملية التطوير.

بزغ نجمه عام ٢٠٠٦ حيث تولى إخراج Armored Core 4 لينطلق مباشرةً بعدها لمشروع الفانتازيا آنذاك وهو Demon’s Souls، والنتيجة نجاح ساحق، قدم بعدها سلسلة Dark Souls ولاقت هي الأخرى نجاح مبهر على الصعيدين الفني والتجاري مما جعله يرتقى لرئاسة الاستوديو، خلال مشاريعه التي عمل عليها كمخرج ألعاب، هناك مجال واحد يحب القيام به أكثر من غيره وهو تصميم الخرائط فهو يعتقد أن تصميم الخرائط له تأثير أقوى على تجربة اللاعب في اللعبة واستمتاعه بها.

ميازاكي وهواياته المفضلة

هواية ميازاكي المفضلة هي صناعة الألعاب بالمقام الأول، ولكن لا يعني انها الوحيدة، فلديه هوايات أخرى يحب القيام بها في أوقات فراغه مقسمة كالاتي:

الطبخ

يعشق مخرجنا المحبوب الطبخ في الواقع ونقل ذلك الى العابه، ففي مقابلة مع Knowll Insight ذكر ميازاكي حبه الشديد للطبخ قائلاً:

“عندما أطبخ أفعل ذلك وحدي بالعادة وأطبخ لنفسي، إنه مشابه للعب لعبة RPG، أحب قضاء الوقت في الطبخ مراعياً كل التفاصيل فيه مع جمع المكونات المناسبة واتخاذ كل الخطوات الصحيحة، فكلما قضيت وقت أكثر ومراعاة أكثر يصبح الطعام أفضل.”

القراءة

ذكرنا سابقاً حب ميازاكي الشديد للقراءة وكيفية استلهامه للعديد من العابه من الروايات او المانجا، استلهم ميازاكي عالم Bloodborne من روايات الروائي الأمريكي هوارد فيليبس لافكرافت ليقدم لنا منتج فريد من نوعه.

من بين الأعمال التي قرأها هنالك ما اثَّر كثيراً في كل اعماله وهي المانغا الشهيرة Berserk للراحل كينتارو ميورا فستجدها دائماً في أعماله، فضلاً عن رواية الجليد والنار لـ جورج أر.أر. مارتن، كما يعشق قصص كاتب الخيال العلمي والروائي الصيني كين ليو والعديد من الكُتاب، فالقراءة هي مصباح للتائهين في عمق الظلام.

الألعاب اللوحية

يعشق ميازاكي الألعاب اللوحية بشكل خاص فلديه العديد منها، حتى إنه يجلبها معه الى مكتبه في العمل فهو لا يزال يلعب بها بانتظام وكذلك لديه شغف في امتلاك أكبر مجموعة منها، فمن العابه المفضلة هي سجون وتنانين او Dungeons and Dragons حيث يظهر جوانب منها في أعماله من تشابه الإحصائيات وتطور الشخصيات.

ألعاب الفيديو المفضلة

امر بديهي ان تكون العاب الفيديو ضمن هواياته نظراً لأنها جذبته في هذا المجال، فهو يحب التنوع في الألعاب وبوجه الخصوص ألعاب الـ RPG ذات طابع الفانتازيا والآكشن.

حيث لاحظ العديد من اللاعبين تشابه كبير بين العابه وسلسلة Zelda من حيث الاستكشاف وأسلوب القتال والمغامرة ويرجع ذلك الى إعجابه الشديد في هذه السلسلة وليست هي فقط، بل يوجد الكثير غيرها وهنا قائمة بألعاب ميازاكي المفضلة:

ميازاكي اللطيف والخجول

كل من يلعب العاب السولز سيرى الحزن و الكآبة تطغى عليها فضلاً عن تواجد العديد من الرموز التعبيرية التي تجنح الى الانسيابية مع خليط من الانفعالات العاطفية للشخصيات الكئيبة و التي ينسجها ميازاكي في أعماله، ميازاكي كشخصه بعيد عن توجهاته الفنية، قم ببحث سريع على يوتيوب عن ميازاكي ولن تجد له أي مقابلة مصورة باستثناء الصور فقط مع المعجبين.

والسبب في ذلك أنه خجول الى درجة لا تصدق و يرجع ذلك الى إنه غير مرتاح مع أي نوع من وضع المشاهير، كما إنه يمنع أطفاله من لعب العابه في المنزل و ذلك كي لا ينظروا الى الجانب السيئ منه، فكل ما يريد القيام به هو صنع ألعاب عظيمة ويفضل أن تكون ألعابه هي النجوم بدلاً عنه.

ميازاكي رجل جعل الموت ذا معنى وممتعاً أحيانا، وبكل بساطة يعلمنا هذا المخرج الخجول، أن الفرحة تأتي من التغلب على المصاعب.

Exit mobile version