التعاون بين سيجا وسوني
في البداية وقبل كل شيء، دعونا نرجع قليلاً الى الوراء، وتحديداً في عام 1991، حينما نشأت أول شراكة بين شركتي SONY و SEGA، عندما قامت الأخيرة بالتعاون مع شركة سوني من أجل تطوير جهاز الألعاب Sega CD، وهو عبارة عن ملحق لجهاز Sega Genesis.
منصة Sega CD كانت تعمل كوحدة إضافية لجهاز شركة سيجا الشهير Sega Genesis وبمعالج Motorola 68000، والذي يعرف أيضًا باسم Sega Mega Drive، وكانت من أهم ميزاته حينذاك إتاحة تشغيل ألعاب CD-ROM أو الأقراص المضغوطة التي بدأ صيتها بالانتشار في ذلك الوقت.
تعتبر هذه الشراكة بين الشركتين العملاقتين واحدة من أبرز اللحظات التاريخية بينهما من أجل تقديم تجربة ألعاب متقدمة ومبتكرة للاعبين في ذلك الوقت، حيث قامت شركة سوني بتوفير تكنولوجيا الأقراص المضغوطة CD-ROM وخبرتها في تطوير الأجهزة الإلكترونية، وتم إصدار جهاز Sega CD في الأسواق العالمية في عام 1992.
نتج عن هذه الشراكة إصدار لعبة Sewer Shark، وهي لعبة فيديو تم تطويرها ونشرها بواسطة شركة سيجا في عام 1992، وهي واحدة من أولى الألعاب التي تم إصدارها لجهاز سيجا سي دي. تدور قصة اللعبة في عالم مستقبلي حيث يتم استدعاء اللاعب للانضمام إلى فريق Sewer Sharks الذي يقوم بمهمة استكشاف الصرف الصحي الذي تسيطر عليه كائنات متوحشة. يتحتم على اللاعب التصدي للمخاطر والمصاعب التي تواجهه في الصرف الصحي وإنقاذ الناجين.
شراكات أخرى بين عملاقي اليابان
شهدت الشركتان المزيد من التعاون المثمر على مدار تلك السنوات، وذلك من خلال إنتاج ألعاب فيديو مشتركة عبر منصات اللعب الخاصة بهما. على سبيل المثال، تم إصدار لعبة Sonic the Hedgehog على جهاز بلايستيشن في العديد من الإصدارات.
استفادت شركة سوني من تقنية صوتية تم تطويرها بواسطة سيجا، وهي تقنية Sound Processing Unit” (SPU)” والتي تم استخدامها في جهاز PlayStation الذي أصبح من أشهر أجهزة اللعب في التاريخ.
شراكة هي الأسوأ.. وبداية انهيار SEGA
قد يتفق جميع المطلعين على تاريخ شركتي “Sega و Sony” بأن التعاون بينهما في إصدار جهاز ملحق إضافي Sega CD، يعتبر الأسوأ في تاريخ الشركات، وللعديد من الأسباب الاي سنتطرق إليها الآن، وهي..
الاستراتيجيات المختلفة التي اتبعتها كلا الشركتين، سواء من حيث التسويق، أو من حيث نظام تطوير الألعاب، حيث كانت سيجا ترمز بشكل أساسي على الألعاب الحصرية، بينما كانت شركة سوني تسعى إلى جذب قاعدة جماهيرية واسعة من خلال ألعاب ذات جودة عالية وتنوع المحتوى.
تعاملت شركة سيجا مع جهاز Sega CD كمنصة مستقلة بدلاً من أن تركز على دعمها لجهاز Sega Genesis الأساسي. هذا الامر أدى إلى تجزيء قاعدة اللاعبين وتشتت الاهتمامات، حيث انتقلت الألعاب الجديدة والحصرية إلى جهاز Sega CD بدلاً من الجهاز الأساسي.
من الأشياء التي أدت أيضاً الى فشل هذا التعاون، هو سعر الجهاز، حيث كان مكلفاً للغاية بالمقارنة مع أجهزة الألعاب الأخرى في ذلك الوقت، وهو الأمر الذي جعل اللاعبين لا يهتمون بالحصول عليه، خاصةً أنه يعتبر ملحق.
أيضاً لم تكن معظم الألعاب التي صدرت على جهاز Sega CD منافسة بجودة عالية أو مثيرة للاهتمام، حيث كانت تعتمد في العديد منها على مشاهد متحركة ومقاطع فيديو بدلاً من أسلوب اللعب التفاعلي الذي كان متوقعًا من الجهاز.
أخيراً، احتدمت المنافسة في سوق ألعاب الفيديو خلال تلك الفترة، حيث بدأت أجهزة أخرى مثل Super Nintendo و PlayStation في الظهور. بالمقابل كانت Sega تواجه المنافسة بشكل غير مجدي، ولم تتمكن من الاستفادة الكاملة من جهاز Sega CD لتحقيق السيطرة على السوق، وبذلك أضاعت فرصة ثمينة لفرض نفسها وكسب قاعدة شعبية أوسع.
ثقة SEGA التي في غير محلها
ان من أحد أسباب طرح هذه المقالة، والتوسع في تاريخ شركة سيجا بالتحديد، هو تسريب وثائق داخلية لشركة سيجا والتي احتوت على تقارير تفيد بأنها كانت على ثقة تامة بتفوق جهازها Sega Saturn الذي صدر خلال عام 1995 على جهاز بلايستيشن، وهي رسائل بريد إلكتروني تعود إلى عام 1996، أظهرت أن رئيس سيجا أمريكا آنذاك توم كالينسكي، والذي ادعى أن ساتورن “يهزم” بلايستيشن 1 في اليابان، وأن سيجا تمتلك عروضًا أفضل وبرامج أفضل، وتوفرًا أفضل في المتاجر مقارنة بسوني.
مع الأسف، نجاح جهاز Saturn لم يستمر طويلاً، وكذلك تفاؤل كالينسكي، حيث سرعان ما ارتفعت مبيعات بلايستيشن 1، وفشل جهازها المنزلي، وفي يوليو 1996، قدم رئيس سيجا أمريكا استقالته، واعترفت سيجا بعدها بتفوق مكتبة ألعاب بلايستيشن، وأعربت عن أسفها لعدم دعم شركات الطرف الثالث لجهازها، وكانت تعتقد في وقت ما أن شركة EA هي الأخرى ستتوقف عن تطوير الألعاب لجهازها.
العودة من خلال Dreamcast
مما لا شك فيه، أن جهاز Dreamcast الذي صدر في عام 1998، كان من الممكن أن يصبح الجهاز المنزلي الأول لفترة زمنية طويلة، حي عرف عنه بأنه أول جهاز منزلي يدعم تقنية الألعاب عبر الإنترنت بشكل كامل.
تمتعت منصة سيجا Dreamcast بمعالج قوي حينذاك، تمكنه من معاجلة رسومات متقدمة مع دعمه لتقنية تشغيل الأقراص المدمجة والوسائط الرقمية، مع تشكيلة واسعة من الألعاب المتميزة، مثل Sonic Adventure و Resident Evil Code Veronica و Soulcalibur وغيرها الكثير.
مع الأسف، لم تتمكن سيجا من الاستمرار طويلاً، حيث واجهت صعوبات كبيرة في منافسة شركة سوني ونينتندو التي تتمتع بخبرات تجارية وتسويقية أكبر، ومع نقص الألعاب من شركات الطرف الثالث، والحملات التسويق الضعيفة للجهاز، وظهور منافس جديد وشرش على الساحة وهو Xbox، كانت أسباباً كافية للخروج التام من المنافسة.
بعد فترة وجيزة من إصدار الجهاز وفشله في تحقيق النجاح التجاري المطلوب، وفي عام 2001، قررت سيجا التخلي عن إنتاج أجهزة الألعاب بشكل كامل، وقررت بعدها التخلي عن إنتاج أجهزة الألعاب المنزلية والانتقال إلى دورها كشركة برمجيات تطوير ونشر الألعاب كما نعرفها حالياً.
في الختام، فإن تاريخ سوني وسيجا يعكس التطور المستمر في صناعة ألعاب الفيديو، والتنافس الشديد بين الشركات المصنعة التي نافست بنزاهة واحترافية، وعلى الرغم من بعض الخلافات والتحديات التي واجهتها مع الشركات الأخرى، استطاعت سوني وسيجا أن تمثلا نقطتين هامتين في تاريخ ألعاب الفيديو، وساهمتا بشكل واضح في تشكيل صناعة الترفيه بشكلها الحالي رغم كل التحولات والتغيرات، ويبقى لكل منها إرث رائع لا يزال حاضراً الى يومنا هذا.